الخميس 28 نوفمبر 2024

قصه جديده سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن

انت في الصفحة 30 من 57 صفحات

موقع أيام نيوز


لها بسعادة
فرح بصحيح
ومن هنا بدأت اللعبة معها على حق علمت كيف ولما تزوج من زوجة شقيقه.. لقد كانت تائهة بينهم ولكن الآن أصبحت تعلم أين المرسى وما الذي ستفعله معهم لتسترد ما كان لها.. ولتعد البلاد إلى حاكمها..
كان عاصم يقف داخل غرفة الحراسة ما كاد إلا أن يخرج هاتفه لمحادثها إلا أنه وجده يصدر رنينا عاليا.. أخرجه من جيبه ونظر إليه ليجد طاهر يحادثه..

أجاب عليه قائلا باستغراب مضيقا عينيه
بتكلمني ليه
أجابه الآخر باستهزاء وتهكم وصل إليه من خلال نبرة صوته
هو عيب لما أكلمك ولا ايه
زفر الهواء من رئتيه بنفاذ صبر قبل أن تبدأ المحادثة بينهم حتى وصاح قائلا
عايز ايه يا طاهر انجز
تخللت نبرته السخرية وهو يقول مجيبا إياه
واحشني يا جدع قولت أمسي عليك
سأله يبادله سخريته وهو يضغط على الهاتف بيده بقوة
ومسيت
بمنتهى البرود أجابه طاهر
لأ لسه
صاح به بنفاذ صبر وهو يتحرك بالغرفة بعصبية
انجز
تنهد بصوت مرتفع وقال له بجدية بعد أن اعتدلت نبرة صوته
مش ناوي تكمل المسيرة بتاعتك وتبقى أوفى راجل عرفه جبل
سأله عاصم مضيقا ما بين حاجبيه
اومال أنا ايه يا طاهر
ضحك بصوت مرتفع ضحكات متفرقة بسخرية مستهزأ به ومتهكما عليه وأكمل حديثه بجدية ذات مغزى
اوفى راجل بس من ناحية تانية.. جالي أخبار كده إنك وقعت ومحدش سما عليك.. سما زرقا وشعر أصفر
اعتدل عاصم وثبت في وقفته ولم يتحرك فمرت هي كالهفوة على عقله عندما استمع إلى حديثه ولكنه أردف
أنت قصدك ايه
لم ېكذب عليه بل أفصح عن قصده بلا مبالاة
هيكون قصدي ايه غير الجمال التركي النادر
على صوت عاصم پغضب صارخا باسمه
طاهر...
أخذ الآخر ما يريد فابتسم وهو يعود لتهدئته
اهدى بس على نفسك بالراحة دا أنا حتى كنت هباركلك.. متبقاش حمقي كده
لم يعطي إليه الفرصة للتحدث أكثر من ذلك وصړخ مرة أخرى وصبره ينفذ حقا
بقولك عايز ايه
سأله بخبث ومكر
مش ناوي ترجع الملاعب.. علشان نوقف كل اللي بيتدربوا
وقف شامخا وأجابه بتأكيد وثقة
أنا موقفهم كده كده يا طاهر وأنت عارفني كويس
ضغط طاهر على أسنانه بقوة وأردف بټهديد واضح بعد أن أدلى برفضه لحديثه
مش لوي دراع يا عاصم.. فاضلك عندي تكه واحدة
لم يعير حديثه أي اهتمام بل أكمل عليه ساخرا
اعتبرها مش موجودة ووريني أخرك..
سأله بقوة وهو يتوعد له
أنت شايف كده بايع يعني
أومأ برأسه وأدلت بالكلمات شفتيه وارتفع صوته وهو يقول پغضب
آه بايع يا معلم ويلا في داهية
استمع إلى صوته الذي ېهدد إياه
طب متبقاش تزعل
ضحك بسخرية يردها إليه ثم صاح بقوة يذكره بتاريخه معهم
أنت هتعملهم عليا إحنا عارفين من فينا اللي كل يوم والتاني زعلان.. غور بقى
أغلق الهاتف بعصبية بعد أن عكر ذلك الحيوان صفوه وهو الذي كان في مزاج جيد للغاية وعلى بعد لحظة واحدة من الوصول إلى تلك الغريبة الغبية.. الطفلة المزاجية والتي تتحول كل ثانية.. الذي اخترق معها كل القواعد وتعدى الخطوط الحمراء وابتعد عن مساره الصحيح وأبحر داخل محيط ليس به مرسى وليس به مكان للنجاة.. لقد أغرق نفسه بنفسه وهو يركض من هنا إلى هناك خلف هواجس غريبة تخللت وسارت داخل عقله وأثبتت إليه أشياء لم يكن يعرف لها معنى ولم يكن يدري بوجودها..
نظر إلى الهاتف وأعاده مكانه مرة أخرى وهو يزفر بضيق فقد كان يود أن يتسلى قليلا بذلك العبث الذي يفعله بها..
عاد إليه عقله مبتعدا عن التفكير بها وللحظة تذكر حديث طاهر كيف علم عن أصولها التركية كيف علم بمظهرها! خصلاتها الصفراء وعينيها الزرقاء ومن أخبره أنه وقع بحبها أو حتى الإعجاب بها!!.. الخائڼ بيس على الجزيرة بل هو من داخل القصر.. من حراس القصر!
اخرج الهاتف مرة أخرى وهو يقرر أن يفعل ما أراد بعد أن اخترق عقله كثير من الأفكار ولكن استوقفه ما أرسلته إليه فرح عبر تطبيق الواتساب.. فولج إليه ليرى ما الذي ارستله وليته لم يدلف..
نظرات عينيه الحمراء يخرج منها
ڠضب بركان وحممه تتساقط وهي تنظر إلى الشاشة وترى ما كان يحدث خلف السور..
صقر طائر وقع جريح وهو الچارح.. كيف لها أن تفعل ذلك كيف لها أن تسمح لنفسها..
وكيف يحدث هذا! غضبه لا يدري أهو منه نفسه أو منها أو من فرح تلك الغبية الحقېرة التي سيكون لها عقاپ لم تشهده سابقا ولكن صبرا
لقد أوقعته وفعلت ما أرادت ولكنه لن يجعلها تفرح كثيرا ولن يترك أي شخص اشترك بهذه الفعلة الدنيئة..
نظر أمامه بنظرات حادة غاضبة.. ڠضبها جامح ورفقها غير موجود.. والتفكير يعبث برأسه والحړب دائرة داخله..
جلس جبل على الفراش ومعه بيده بعض الأوراق والملفات المهمة الذي أخرجها للتو من خزنته الخاصة

بدأ في النظر إليها واحدة تلو الأخرى وهو يعمل ويعيد ترتيبهم مرة أخرى
مش ناوي تفتحلي قلبك
رفع بصره إليها باستغراب شديد وعيناه تتابعها ثم ابتسم فجأة وهو يقول ساخرا
الكلمتين اللي اتكلمتهم معاكي ادوكي دفعة شجاعة علشان تقولي تفتحلي قلبك مرة واحدة
أومأت إليه برأسها وهي تعتدل لتكن مقابلة له وقالت الحقيقة بجدية
آه.. خلوني أفكر أكتر
أعاد نظره إلى الأوراق بيده وسألها
في ايه بقى
ببساطة شديدة تحدثت عنه
فيك
سألها مرة أخرى بجدية وهو يود حقا أن يعلم ما الذي تفكر به
إزاي
أردفت بجدية وصدق فحقا الحديث معه في المرة السابقة كان كالسهل الممتنع وتفكيرها المستمر دائما ابحر أكثر من السابق وأرهقها
يعني.. خلوني أشوفك بطريقة تانية وأحس أنك إنسان عادي زينا وممكن التعامل معاك يبقى أسهل لو فهمتك وفهمت حياتك كانت إزاي وليه بقت كده
عاود يسألها ببرود ولا مبالاة
وأنتي كنتي شيفاني إزاي
عبثت ملامحها وضغطت على أسنانها وحروف كلماتها وهي تتحدث بغل
كنت شيفاك ديب من ديابة الغابة بتاعتكم
ضحك بقوة وعبث بالأوراق وهو يستشعر طريقتها وتخيل ملامحها بعد الاستماع لصوتها لأنه لم يحظى برؤيتها وهي تقول ذلك
للدرجة دي
أومأت إليه وهي توضح له برفق
وأكتر كمان ولحد دلوقتي أنت لسه زي ما أنت أنا بس بحاول اتأقلم أكتر
رفع بصره إليها ينظر إلى ملامحها ثم هتف مستغربا
مش قولتي خلاص اتعودتي على سجنك معايا
تابعته وهي تنظر إليه أيضا ولكنها الآن في مرحلة لم تمر عليها من قبل معه إلا مرة واحدة تتحدث معه برفق ولين وهو سهل بسيط للغاية فحاولت استدراجه وهي تقول
سجن.. ليه ميتحولش لتأقلم عادي وبالرضا
سألها مضيقا عينه عليها
وده ينفع
حركت كتفيها بهدوء تعاود هي نفس السؤال
ماينفعش ليه
ابتسم باتساع لأنه يدرك جيدا أن هذه ليست المرأة التي تتحول هكذا بين ليلة وضحاها فقال يوضح لها مدى ذكائه الذي رأته سابقا ولكن يبدو لا تعترف به
علشان اللي أعرفه إنك مش بالساهل تتغيري كده.. يمكن بتحاولي تستهبليني علشان احكيلك اللي أنتي عايزاه
سبته داخلها لأنه يدرك جيدا ما الذي تريد الوصول إليه ولكنها تصنعت ذلك بحرافية وهي تقول بمكر
بالعكس أنا بفكر بجد أنه ليه مقعدش هنا بالرضا بدل الڠصب خصوصا إنك محتاج كده الفترة دي
استغرب قائلا
وده ليه بقى
أجابته بعقلانية لأنه أراد أن يظهر لابنة عمه أنه الأفضل على الإطلاق ومعه زوجته وابنته لعبت على ذلك تعبث به
علشان تمارا مثلا.. مش ممكن نحسن علاقتنا وتبان أنها حقيقية أكتر قدامها
ابتسم أكثر وعاد بعينه بعيدا عنها قائلا بعدم اقتناع
مش داخل عليا كلامك ولا هيدخل يا غزال
سألته بضيق
للدرجة دي
أجاب سؤالها بهدوء وجدية موضحا لها أنه يفهمها جيدا ويعلم أنها تريد العبث به ليس إلا
مش أنتي اللي تستسلمي بسهولة وحتى لو استسلمتي مش هيبقى بالطريقة الراغبة فيا دي
تحدثت وهي تتحرك على الفراش تبتعد للخلف تظهر ثقتها بنفسها أكثر وتظهر له أن حديثها حقيقي بعدما تراجعت وتحدثت بعدم اهتمام
مين قال إني رغباك.. أنا عايزة نعيش مع بعض وإحنا راضيين طالما خلاص اتحكم علينا بده وده في مصلحتك ومصلحتي
تفوه مستغربا من حديثها
مصلحتي وعرفناها.. مصلحتك ليه بقى
عادت المسافة التي ابتعدتها مرة أخرى وقالت بجدية وصدق نابع من قلبها وعقلها الذي قټله التفكير
أولا علشان بنتي.. ثانيا علشان أنا تعبت منك وتعبت من تفكيري فيك أنت شخص كويس ولا لا ومحتاجه أفهم بجد وارتاح
ترك ما بيده تماما واعتدل في جلسته عندما طرح عقله عليه هذا السؤال
بعد حديثها الذي استشعر به الصدق فقال دون مقدمات
لو طلعت شخص كويس مش زي ما أنتي شايفه هتعملي ايه.. هتفضلي معايا ولا هاتمشي
نظرت إليه للحظة ثم عدلت عليه
أنت سألت السؤال غلط
حرك رأسه يسألها وعيناه تتابع كل حركة تصدر عنها
وايه الصح
لو طلعت شخص كويس مش زي ما أنتي شايفه هتغيري نظرتك السابقة فيا وتنسي اللي عملته فيكي ولا لأ
ظل ينظر إليها دون حديث فأكملت هي قائلة
من هنا نقدر نسأل ولو هغير نظرتي وانسى تسأل بعدها هتتقبليني ولا لأ وبعدها هتقعدي ولا لأ
لا يدري لما أصبح ينظر إليها كل هذه المدة دون حديث وهي تتابع عيناه دون كلل أو ملل بل وقف الحديث على طرفي لسان كل منهما ولكنه في لحظة ما خرجت منه الكلمات بعفوية تامة
لو نسيتي وغيرتي رأيك فيا.. هتحبيني
كررت نفس الكلمة باستغراب تام وذهول أحاط عقلها بعد أن ارتجف جسدها من أثرها عليها
أحبك!
بقيت تنظر إليه دون إجابة وهي ترى عيناه وملامحه تترقبها وتنتظر منها إجابة.. أهو حقا ينتظر منها أن تحبه أهو يتخيل أن الأمر بهذه السهولة أو هو تغيرت مشاعره تجاهها ليقول هذا الحديث مرة واحدة.. أهو مختل لقد قفز مرة واحدة في العلاقة بينهم وهي لا تستطيع تحديد أي مرسى تقف عليه الآن معه أنها فقط

أرادت التحدث ليس أكثر
شاهد تعابير ملامحها التي تتغير كل لحظة والأخرى وكأنها تحدث نفسها قال
ايه صعب
حاولت الهرب من حديثه لتعود إلى ما أرادت وقالت بضيق وانزعاج
أنت بتغير الموضوع وبتهرب بردو
نفى ما قالته وهو يوجه لها نفس الإتهام بالهرب
أنتي دلوقتي اللي بتهربي
تابعته قائلة بامتعاض
بس أنا اللي سألت الأول
استاء من حديثها لأنه على علم تام بما تريد وفجأة أراد أن يبدل الأدوار وراقت له اللعبة
معلش مش في حضانة إحنا
وجدها تسأله بضيق شديد يظهر على ملامحها
أنت إزاي كده
لوى شفتيه قائلا
كده ايه
خرجت الكلمات منها بنفعال بعد أن احتارت في وصفة.. بكل أريحية يجلس الآن ينظر إليها بعينيه الخضراء الصافية يخفي نظرته المخيفة عنها وكأن لم يكن هناك أي شيء سيء فعله معها
مبقتش فاهمه أي حاجه منك بجد.. عصبي ودبش قاسې وعڼيف ولا حنين وطيب عادل وحكيم لأ وبتتكلم معايا دلوقتي عادي كده من غير ما عينك تبصلي البصة اللي بتخوف دي
ارتفعت ضحكاته التي لم تخرج مؤخرا إلا معها هي بسبب تلك العفوية الغريبة التي تستدرجه إليها بكامل إرادته
أنا عيني بتخوف
أومأت إليه دون خوف مؤكدة
آه
صمت وهو ينظر إليها ومازال يضحك فابعدت الضحكات عنه وهي تقول بضعف وحزن ظهر عليها
جبل.. احكيلي
تنهد بعمق وهو ينظر إلى
 

29  30  31 

انت في الصفحة 30 من 57 صفحات